الاثنين، 25 أكتوبر 2010

من أجمل القصص المؤثرة

تلميذ في مدرسة يروي قصة مؤثرة جداً ، يقول:-كانت لأمي عين واحدة.... وقد كرهتها لذلك.... كانت تسبب ليالإحراج
وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيل العائلة
ذات يوم... في المرحلة الابتدائية جاءت لتطمئن علي
أحسست بالإحراج الشديد فعلاً... كيف تفعل هذا بي؟
تجاهلتها, ورميتها بنظرة مليئة بالكره....
وفي اليوم التالي قال لي أحد التلاميذ: أمك بعين واحدة....
وحينها تمنيت أن أدفن نفسي وأن تختفي من حياتي

وفي اليوم التالي واجهتها:

لقد جعلت مني أضحوكه, لم لا تموتين؟
ولكنها لم تجب
لم أكن متردداً فيما قلت ولم أفكر بكلامي لأني كنت غاضباً جداً
ولم أبالي لمشاعرها ،فأردت مغادرة المكان
درست بجد وحصلت على منحة للدراسة في سنغافورة
وفعلاً... ذهبت... ودرست.... ثم تزوجت..... واشتريت بيتاً.... وأنجبت أولاداً.... وكنت سعيداً ومرتاحاً في حياتي
وفي يوم من الأيام أتت أمي لزيارتي ولم تكن قد رأتني من سنوات ولم ترى أحفادها أبداً ،وَقفت على الباب وأخذ أولادي يضحكون
صرخت: كيف تجرأتِ وأتيت لتخيفي أطفالي
أخرجي حالاً أجابت بهدوء: (آسفة... أخطأت العنوان على ما يبدوا..) واختفت،وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل العائلي فكذبت على زوجتي وأخبرتها أنني سأذهب في رحلة عمل ..بعد الاجتماع ذهبت إلى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه, للفضول فقط !!!!
أخبرني الجيران أن أمي توفيت ، لم أذرف ولو دمعة
قاموا بتسليمي رسالة من أمي مكتوب فيها:-
"ابني الحبيب لطالما فكرت بك....آسفة لمجيئي إلى سنغافورة وإخافة أولادك ..كنت سعيدة جداً عندما سمعت أنك سوف تأتي للاجتماع ؛ولأني قد لا أستطيع مغادرة السرير لرؤيتك
آسفة لأنني سببت لك الإحراج مراتٍ ومرات في حياتك
هل تعلم... لقد تعرضتَ لحادث عندما كنتَ صغيراً وقد فقدتَ عينك
وكأي أم لم استطع أن أتركك تكبر بعين واحدة....ولذا أعطيتك عيني..وكنت سعيدة وفخورة جداً؛ لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني...

.... مع حبي ....

دعوة للتأمل



  • أفكارنا الروحية تصنع لنا مسرات لا تنتهي ، أما أفكارنا المادية فتخلق لنا مطالب لا تنتهي .
  •  ليعلم كل عظيم أن هناك من هو أعظم منه ، و كل قوي أن هناك من هو أقوى منه، و كل جبار أن هناك من هو أكثر منه جبروتاً، و كل عالم أن هناك من هو أعلم منه، و كل متنفذ أن الله هو المهيمن القيوم ، و ليعلم كل ذلك و ليتق الله في من هم دونه . 
  • من عجز عن البناء فلا يشتغل بالهدم .. اتركوا البناءين يبنون و يعملون .

تقرير موجز: منهج الأشاعرة في التوحيد .




تقرير موجز عن:
منهج الأشاعرة في التوحيد
عرض ونقد




بسم الله الرحمن الرحيم
المعنى الاصطلاحي للتوحيد عند الأشاعرة
ذكر الأشاعرة تعريفين للتوحيد وهما :-
الأول: إثبات الوحدة في الذات والصفات والأفعال ، فوحدانية الذات تنفي تركب الذات وتنفي تعددها ، ووحدانية الصفات تنفي التعدد في صفات الله من جنس واحد ، وتنفي مشابهة صفات الخلق لصفاته ، ووحدانية الأفعال تنفي أن يكون لغير الله فعل من الأفعال على وجه الإيجاد ([1]) ، وهذا التعريف قد أطبق عليه متقدموا الأشاعرة ومتأخروهم ، وظاهر أنه لم يشمل توحيد الألوهية ، وما شمله من أنواع فيه إجمال ..
الثاني : (( إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته والتصديق بها ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً)) ([2]) .

أقسام التوحيد عند الأشاعرة
يتضح من التعريفين السابقين أن التوحيد عند الأشاعرة ينقسم إلى ثلاثة أقسام ، وهي :
القسم الأول: توحيد الذت
القسم الثاني : توحيد الأفعال
القسم الثالث : توحيد الصفات.
يطلق الأشاعرة على توحيد الذات والأفعال " توحيد الربوبية"

منهج الأشاعرة في توحيد الربوبية
يطلق الأشاعرة على هذا النوع من التوحيد : توحيد الذات والأفعال - ، وقالوا عن وحدانية الذات : إنها تنفي عن الذات (( تركبها من أجزاء .... وتعدددها بحيث يكون هناك إله ثان فأكثر )) ، فهذا ما تنفيه وحدانية الذات. قالوا:(( ووحدة الأفعال بمعنى : أنه لا تأثير لغيره في فعل من الأفعال)) ([3])  فيستحيل : (( أن يكون لغير الله فعل من الأفعال على وجه الإيجاد )) ([4])  ، وقد وضح مقصودهم بتوحيد الذات والأفعال ، إلا أن تعبيرهم بكلمة ( لا تأثير ) فيه شيء من الإجمال ومبالغة ، وكذلك تعبيرهم بكلمة :( تركبها من أجزاء ) فيه إجمال متضمن لباطل وحق ، فلزم الاستفصال ، فنفيهم للصفات الذاتية كالوجه واليدين – بدعوى التركيب – نفي باطل ؛ لأنه معارض لأدلة  من الكتاب والسنة ، تثبتها ، ولا يجوز أن يقال في ما ثبت لله بالأدلة من الصفات إنه تركيب ، وأما نفيهم لأن يكون الله متركباً من أجزاء منفردة ، أو يقبل التقسيم والتفريق المستلزمين للحاجة والافتقار فهذا نفي صحيح ؛ إذ يجب نفي هذه الأمور عن الله ؛ إذ هو الحي القيوم الغني بذاته عمن سواه ([5]) .
ومن مقتضيات الربوبية وهو التوصل بالإقرار بها إلى إفراد الله تعالى في الألوهية ، فهذا النوع – وهو توحيد العبادة ( الألوهية ) – يسلمون به في الجملة ، إلا أن الملاحظ خلو كتبهم م تقرير هذا النوع من التوحيد ، بل وجد من المتأخرين من يخالف في توحيد الألوهية على ما سيـأتي بيانه .

منزلة توحيد الربوبية عند الأشاعرة
المعروف عند أهل السنة والجماعة أن معرفة الخالق والإقرار بربوبيته أمر فطري فطر الله عليه الخلق ، فلذلك ، ولما ورد من أدلة الكتاب والسنة ، كان أول واجب على المكلف هو عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، وقد بين أهل والجماعة أهمية توحيد الربوبية بأنه باب توحيد الألوهية ..
أما الأشاعرة فقد اختلفت عباراتهم في أول واجب على المكلف بعد أن اتفقوا على أن الأمر بعبادته ليس أول واجب ... فحكى الأشاعرة عن الأشعري القول بأن أول واجب على المكلف هو : المعرفة ([6])  .
والمعرفة عندهم معناها : معرفة وجود الله وتفرده بخلق العالم .
وعند الباقلاني أول واجب : النظر، فقال : (( أول ما فرض الله عز وجل على جميع العباد النظر في آياته ... والثاني من فرائض الله عز وجل على جميع العباد الإيمان به والإقرار بكتبه ورسله ....))([7])  .
وأول واجب على المكلف عند الجويني : القصد إلى النظر ، فقال :((أول ما يجب على العاقل البالغ باستكمال سن البلوغ أو الحلم شرعاً ، القصد إلى النظر الصحيح ... )) ([8])  ، قال شارح " الجوهرة " محاولاً الجمع بين هذه الأقوال : (( والأصح أن أول واجب قصداً : المعرفة ، وأول واجب وسيلةً قريبةً : النظر ، ووسيلةً بعيدة : القصد إلى النظر))([9]) ، فظهر من هذا أن النزاع بينهم لفظي ، والمراد بالنظر عندهم : (( ترتيب أمرين معلومين ليتوصل بترتيبهما إلى علم مجهول ))([10])  .
الرد عليهم :
أولاً : قولهم : إن أول واجب على المكلف هو النظر الصحيح المفضي إلى معرفة الله يناقض أمرين :
أولهما : أن الإقرار بمعرفة الله أمر مركوز في الفِطَر.
ثانيهما: الأمر بعبادة الله أولاً .
وهنا لا بد من الإشارة إلى اعتراف بعض حذاق علماء الأشعرية بهذا الإقرار الفطري ، وهو " الشهرستاني " ، حيث قال في كتابه " نهاية الإقدام في علم الكلام " :(( وأنا أقول ما شهد به الحدوث أو دل عليه الإمكان بعد تقديم المقدمات دون ما شهدت به الفطرة الإنسانية من احتياج في ذاته إلى مدبر هو منتهى الحاجات فيرغب إليه ولا يرغب عنه ويستغني به ولا يستغني عنه ويتوجه إليه ولا يعرض عنه ويفزع إليه في الشدائد والمهمات فإن احتياج نفسه أوضح له من احتياج الممكن الخارج إلى الواجب والحادث إلى المحدث))([11])  .
فاعترف الشهرستاني بدليل الفطرة ، وأن منزلته في الاستدلال فوق الاستدلال بدليل الحدوث والإمكان ، وعلل ذلك بأن أصل دليل الفطرة مركوز في النفس ؛ لذلك كان أقوى من الدليل الذي يُطلب من خارج – وهو واضح - .
وأما الأمر الثاني الذي ناقضوه بقولهم هذا فهو أن المعروف بالكتاب والسنة والإجماع أن أول ما يجب على المكلفين هو عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، والأدلة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة ، ومن ذلك : قوله تعالى :﴿ ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ   ﭽ  ﭾﭿ  ([12]) ، وقوله تعالى:﴿ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ   ﭚ   ﭛ   ﭜ        ﭝ  ﭞ   ﭟ  ([13])  .
وأما من السنة فقول الرسول e  لمعاذ بن جبل t  لما بعثه إلى اليمن : (( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله )) ([14])  ، وقوله e : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله )) ([15]) .
ثانياً : يقال للأشعرية : قولكم : إن النظر أول ما يجب على المكلف فيه مناقشة – أيضاً – من وجهين :-
الأول: في نوع هذا النظر   ، والثاني : في إيجابه على كل المكلفين .
أما الوجه الأول: فقد تقدم مرادهم بهذا النظر ، وقد صرحوا هم بأن طريقة النظر طريقة معتاصة على الفهم ؛ حيث لا يعلمها إلا الراسخون في العلم ، وهنا لابد من وقفات :
الوقفة الأولى : إن هذه الطريقة لم تنقل عن السلف مع اشتمالها على طرق محرمة ، كما قال الإمام أبو الظفر السمعاني : (( وإنما أنكرنا طريقة أهل الكلام فيما أسسوا فإنهم قالوا : أول ما يجب على الإنسان النظر المؤدي إلى معرفة الباري عز وجل ، وهذا قول مخترع لم يسبقهم إليه أحد من السلف وأئمة الدين )) ([16])
الثاني : طريقتهم في هذه الأصل قد أخذوها من المعتزلة كما قال أبو جعفر السمناني – وهو من رؤوس الأشاعرة - : ((إن هذه المسألة بقيت في مقالة الأشعري من مسائل المعتزلة ، وتفرع عليها أن الواجب على كل أحد معرفة الله بالأدلة الدالة عليه ، وأنه لا يكفي التقليد  في ذلك )) ([17])
الثالث: إن النظر الذي ذكر في القرآن الكريم ليس هو النظر الذي تواضع عليه هؤلاء المتكلمون ، وإنما النظر فيه بذكر الآيات التي هي العلامات الدالة على ما هي آيات له ، من غير حاجة إلى توسط حد كما هو في المقاييس العقلية ....
وقد ترتب على إيجابهم النظر على جميع المكلفين اختلافهم في حكم التقليد في معرفة العقائد على ستة أقوال :-
أولها : الحكم بكفر المقلد مطلقاً   ، وثانيها : الحكم بعصيانه مطلقاً ، وثالثهما : الحكم بعصيان من قلد ، وفيه أهلية للنظر ، ورابعها : صحة إيمان من  قلد القرآن والسنة القطعية – فيما عدا الصفات النقلية  ، وخامسها : صحة إيمان المقلد مطلقاً ؛ لأن النظر شرط كمال ، وسادسها : صحة إيمان المقلد مع تحريم النظر ، وحملوه على المخلوط بالفلسفة ، وأقوى هذه الأقوال عند المتأخرين القول الثالث ([18])  .
الوجه الثاني : في إيجابهم النظر على كل مكلف من ذكر وأنثى :-
الأول : فإنا نسلم بأن النظر الوارد الأمر به في الآيات القرآنية واجب ، فأما إيجابه على كل أحد فلا نسلم به ، بل ولا نسلم بأنه أول الواجبات ، مع التفريق بين النظر الصحيح – المأمور به – وبين النظر المفضي إلى الباطل – فلا تدل عليه الآيات - ، فالذي يلاحظ من القرآن هو أن القرآن يجب على من لم يحصل له الإيمان إلا به ، فمثال ذلك قوله تعالى :﴿ ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ   ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ   ﯜ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ـ([19])  ، فهذه الآية والتي قبلها جاءت بعد قوله تعالى :﴿ ﮌ  ﮍ        ﮎ    ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ([20])  
الثاني : قولهم : إن أول واجب على المكلف هو النظر يشمل كل المكلفين ، وبما أنه واجب فيلزم أن الشخص حال الاشتغال به يكون مقيماً على الطاعة ولو كان على غير ملة الإسلام ، ولهذا ألزمهم أبو مظفر السمعاني بقوله : ((وينبغي على قولهم إذا مات في مدة النظر والمهلة قبل قبول الإسلام أنه مات مطيعا لله مقيما على أمره لابد من إدخاله الجنة كما يدخل المسلمون
 وقد جعلوا غير المسلم مطيعا لله مؤتمرا بأمره في باب الدين وأوجبوا إدخاله الجنة وقد قال تعالى ﴿ ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ    ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ ([21])  ))([22])  

منهج الأشاعرة في أدلة إثبات توحيد الربوبية
أولاً : ذكر الأشاعرة بأن ما يتوقف عليه النقل مثل وجود الله وإثبات النبوة فإنه لا يصلح إثباته بدليل النقل لما يلزم من الدور ، ولذلك فإنه لا يثبت إلا بالدليل العقلي..([23])  .
وأما إثبات كونه واحداً فيرى كثير منهم أنه يمكن بالدليل العقلي والنقلي ، أما العقلي فواضح ، وأما الدليل السمعي : - فكإجماع الأنبياء على الدعوة إلى التوحيد ونفي الشريك ، وكالنصوص القطعية من الكتاب الدالة على ذلك – فإنه لا يتوقف على الوحدانية ([24])  .
ثانياً : أشهر دليل عند الأشاعرة في إثبات وجود الله ، هو دليل الحدوث ، وإن كان يوجد فيهم من سلك مسالك أخرى لإثبات وجود الله ، وهذا الدليل ينبني على مقدمتين ، وكل واحده من المقدمتين يشترط إقامة أدلة على صحتها حتى تنتج المقدمتان نتيجة صحيحة .
أما المقدمتان فهما : ألأولى : العام حادث ، والثانية : كل حادث لا بد له من مٌحدِث ، والنتيجة بعد إثبات صحة المقدمتين : العالم لا بد له من مُحدث أحدثه ، وهو الله سبحانه وتعالى ..
فأما إثبات حدوث العالم فيستند إلى إثبات خمسة أمور وهي :([25])
الأول : إثبات الأعراض وقيامها بالجواهر .. الثاني : إثبات حدوث الأعراض  .. الثالث: إثبات استحالة تخلي الجواهر عن الأعراض.... الرابع : إثبات امتناع حوادث لا أول لها ... الخامس : إثبات أن ما لايخلو عن الحوادث فهو حادث .
وقد رد العلماء هذه الاستدلالات وما عليها من إلزامات ([26]).
دليل إثبات وحدانية الله عند الأشاعرة :
المراد بالوحدانية : أن رب العالم واحد ، والدليل المشهور عند الأشاعرة لإثبات وحدانية الله هو برهان التمانع .. وطريقة نظم الدليل إجمالاً هي : لو تعددت الآلهة لما وجد شيء من العالم ، ولكن العالم موجود بالمشاهدة –إذن –فلا تعدد في الآلهة ، وإذا بطل التعدد ثبتت الوحدانية ... ([27])وذكر علماء الأشاعرة أن في القرآن آيات مشتملة على هذا الدليل منها قوله تعالى : ﴿ ﯟ  ﯠ     ﯡ       ﯢ  ﯣ    ﯤ  ﯥ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ             ﯫ  ﯬ    ([28])  
الرد عليهم :-  الدليل الذي ذكروه لإثبات الوحدانية – أي في الربوبية – دليل صحيح ، وهذا القدر معلوم بالفطرة الضرورية ، وأما استدلالهم بأن الآية مشتملة على برهان التمانع ، فهذا ليس مقصود القرآن ، وإنما مقصوده توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية الذي ذكروه دون عكس ([29])   ، والرد عليهم في الاستدلال بالآية بإيجاز :-
أولاً : إن الله جل وعلا قال : ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله ، ولم يقل أرباب ، ومعلوم بدلالة القطع التغاير بين الإله والرب من حيث المفهوم .
ثانياً : إن الذين أنزل الله فيهم القرآن كانوا يثبتون الربوبية ، ويشركون في الألوهية ، ولذلك سيقت الآية في الرد عليهم في الثاني .
ثالثاً: إن الله تعالى قال: ﴿ لفسدتاـ﴾ أي – السموات والأرض – فهذا الفساد بعد وجودهما بدليل قوله في أولها : ﴿ لو كان فيهما آلهة ﴾ أي وهما موجودتان ، ودليل التمانع قائم على أساس عدم تكوينهما ووجودهما ، ولذلك اضطر هؤلاء المتكلمون إلى تأويل الفساد بعدم التكوين والوجود([30]) ، وهو تأويل متكلف ، وبهذا يُعلم خطأ استدلالهم بهذه الآية – والله تعالى أعلم - . 

منهج الأشاعرة في توحيد الألوهية
إن المتتبع لمصنفات علماء الأشاعرة في التوحيد يجد كتبهم خالية من ذكر توحيد الألوهية ، إلا ما ذكره بعض المتقدمين في تعريل التوحيد المتضمن لتوحيد الألوهية ... وبالجملة : فإن منهج الأشاعرة في توحيد الألوهية غير واضح المعالم وذلك لأسباب من أهمها:-
السبب الأول : تعريف كلمة "إله " عند الأشعرية : فإنه قد عرَّف كثير من الأشعرية كلمة " إله " بأنه القادر على الاختراع ، فمن ذلك ما نسبه البغدادي إلى الأشعري فقال : (( واختلف أصحابنا في معنى الإله : فمنهم من قال : إنه مشتق من الإلهية ،وهي قدرته على اختراع الأعيان ، وهو اختيار أبي الحسن الأشعري )) ([31])  ، وقد فسر الرازي أيضاً معنى " الإله " بالقدرة على الاختراع([32])  ..
الرد على ذلك من وجوه : أهمها:
الوجه الأول : لو كان معنى "إله " القادر على الاختراع كان معنى " لا إله إلا الله " أي لا خالق إلا الله ولا قادر على الاختراع إلا هو .. وهذا المعنى كان يقول به المشركون .
الوجه الثاني : إن هذا القول غير معروف عند أهل اللغة .
السبب الثاني : من الأسباب الداعية إلى القول بأن توحيد الألوهية غير واضح في المنهج الأشعري ، هو أن كتبهم المصنفة في العقائد – على كثرتها – لم تفرد هذا الموضوع بالبحث ، وهذا إن عذر فيه المتقدمون فلا يعذر فيه المتأخرون في تركه ؛ إذ الحاجة إلى البيان والتحذير مما يضاده قائمة .
السب الثالث : زعمهم بأن أول واجب على المكلف : المعرفة أو النظر أو القصد إلى النظر المؤدي إلى إثبات وجود الله تعالى ، ومن ثم إثبات وحدانيته في الذات والأفعال.
السبب الرابع : حملهم الآيات الواردة في توحيد الألوهية على أنها في توحيد الربوبية ، ويتضح خطأهم بالأتي :-
أولاً : إن الذين نزلت فيهم الآيات ما كانوا ينكرون ربوبية الله تعالى كما تقدم.
ثانياً: قد صرح أهل العلم بأن الآيات نزلت فيمن كانوا يعبدون غير الله .
وقد اعترض المتأخرون من الأشاعرة على تقسيم التوحيد إلى الربوبية والألوهية ، وسبب هذا الاعتراض يرجع إلى أن الأشاعرة ألفوا القول بأن أول واجب على المكلف هو توحيد الربوبية ، ثم إنهم رتبوا على هذا القول أمراً وهو : أنه لا يتصور وقوع الشرك إلا إذا اعتقد الإنسان ربوبية عير الله تعالى ، ولديهم شبهات في ذلك ، منها ما يذكره : أحمد زيني دحلان بقوله : (( فإن توحيد الربوبية هو توحيد الألوهية ألا ترى إلى قوله تعالى : ﴿ـ ألست بربكم﴾ ، ولم يقل : ألست بإلهاكم ، فاكتفى منهم بتوحيد الربوبية ([33]).
والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول: إن هذه الآية غاية ما تفيده أنه عند إفراد الربوبية تدخل فيها الألوهية ، باعتبار أن الاسم يدل على المعنى إما مطابقة أو تضمنا أو التزاماً ، فيلزم من كونه رباً  أن يكون إلهاً معبوداً مطاعاً فالدلالية لزومية هنا .
الوجه الثاني : أن يكون المراد بالرب في الآية : المعبود – كما في قوله تعالى :﴿اتخذوا  أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ـ ، والمقصود هنا : آلهة يشرعون ويحرمون ويحللون .. لأنهم ما كانوا يقولون أن أحبارهم يخلقون ويرزقون ......
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


([1]) يُنظر: اللقاني : تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد، ص59- 60.
([2]) ينظر: اللقاني : تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ، ص10.
([3]) اللقاني : تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ، ص 59.
([4]) اللقاني : تحفة المريد ، ص60.
([5]) يُنظر ، تفسير سورة الإخلاص لشيخ الإسلام ابن تيمية ص150 ، والفتاوى له ج6ص344.
([6]) يُظر، شرح جوهرة التوحيد ، ص37.
([7]) الباقلاني : الإنصاف ، ص23.
([8]) الجويني : الإرشاد ، ص25.
([9]) الباجوري : شرح جوهرة التوحيد ، ص38.
([10]) الباجوري : شرح جوهرة التوحيد ، 37 ، والجويني : الإرشاد ، ص 25.
([11]) الشهرستاني : نهاية الإقدام في علم الكلام ، ص125.
([12]) سورة النحل : 36.
([13]) سورة الأنبياء : 25.
([14])
([15])
([16])  السمعاني : الانتصار لأصحاب الحديث ، ص61.
([17]) نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري ، ج13 ص 361.
([18])  يُنظر : شرح جوهرة التوحيد ، 34-35 .
([19]) سورة الأعراف : 185.
([20]) سورة الأعراف : 182.
([21]) سورة آل عمران : 85.
([22]) السمعاني : الانتصار لأصحاب الحديث ، ص64.
([23]) يُنظر : الإيجي : المواقف ، ص39.
([24])يُنظر : الإيجي : المواقف ، ص40.
([25]) ينظر ، الجويني : الإرشاد ، ص40.
([26]) ينظر: خالد بن عبد اللطيف بن محمد بن نور ، منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى ، (مكتبة الغرباء الأثرية – المدينة المنورة – السعودية ، ط: 1 ، 1416 هـ - 1995 م ) ، ج1 ص305 وما بعدها .
([27]) يُنظر: اللقاني : تحفة المريد ، ص60، والباقلاني : الإنصاف ، ص49 – 50.
([28]) سورة الأنبياء : 22 .
([29]) يُنظر : ابن تيمية : منهاج السنة النبوية ، ج9ص354 – 396 .
([30]) يُنظر : ابن أبي العز الحنفي : شرح العقيدة الطحاوية ، ص86 – 87.
([31]) البغدادي : أصول الدين ، ص123.
([32]) الرازي : شرح أسماء الله الحسنى ، ص124.
([33])  دحلان : أحمد زيني : الدرر السنية في الرد على الوهابية ، ص40